81. وقال(عليه السلام): رَأْيُ
الشَّيْخِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ جَلَدِ الْغُلاَمِ[1].
وَروي:
مِنْ مَشْهَدِ الْغُلاَمِ[2].
82. وقال(عليه السلام): عَجِبْتُ
لِمَنْ يَقْنَطُ وَمَعَهُ الاسْتِغْفَارُ.
83. وحكى عنه أبو جعفر محمد بن علي
الباقر(عليهما السلام) أَنّه قال: كَانَ فِي الاَْرْضِ أَمَانَانِ مِنْ عَذَابِ
اللهِ سُبْحَانَهُ، وَقَدْ رُفِعَ أَحَدُهُمَا، فَدُونَكُمُ الاْخَرَ
فَتَمَسَّكُوا بِهِ:
أَمَّا
الاَْمَانُ الَّذِي رُفِعَ فَهُوَ رَسُولُ اللهُ(صلى الله عليه وآله).
وَأَمَّا
الاَْمَانُ الْبَاقِي فَالاْسْتِغْفَارْ، قَالَ اللهُ عزّوجلّ: (وَمَا كَانَ اللهُ
لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وهُمْ
يَسْتَغْفِرُونَ)
وهذا من
محاسن الاستخراج ولطائف الاستنباط.
84. وقال(عليه السلام): مَنْ
أَصْلَحَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللهِ أَصْلَحَ اللهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ
النَّاسِ، وَمَنْ أَصْلَحَ أَمْرَ آخِرَتِهِ أَصْلَحَ اللهُ لَهُ أَمْرَ
دُنْيَاهُ، وَمَنْ كَانَ لَهُ مِنْ نَفْسِهِ وَاعِظٌ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ اللهِ
حَافِظٌ.
85. وقال(عليه السلام): الْفَقِيهُ
كُلُّ الْفَقِيهِ مَنْ لَمْ يُقَنِّطِ النَّاسَ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ، وَلَمْ
يُؤْيِسْهُمْ مِنْ رَوْحِ اللهِ[3]،
وَلَمْ يُؤْمِنْهُمْ مِنْ مَكْرِاللهِ[4].
86. وقال(عليه السلام): أَوْضَعُ
الْعِلْمِ[5]
مَا وُقِفَ عَلَى اللِّسَانِ[6]،
وَأَرْفَعُهُ مَا ظَهَرَ فِي الْجَوَارِحِ وَالاَْرْكَانِ[7].
87. وقال(عليه السلام): إِنَّ هذِهِ
الْقُلُوبَ تَمَلُّ كَمَا تَمَلُّ الاَْبْدَانُ، فَابْتَغُوا لَهَا طَرَائِفَ
الْحِكْمَةِ[8].
88. وقال(عليه السلام): لاَ
يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بكَ مِنَ الْفِتْنَةِ،
لاَِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ إِلاَّ وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى فِتْنَة، وَلكِنْ مَنِ
اسْتَعَاذَ فَلْيَسْتَعِذْ مِنْ مُضِلاَّتِ الْفِتَنِ، فَإِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ
يَقُولُ: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ)،
وَمَعْنَى ذلِكَ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ يَخْتَبِرُهُمْ بِالاَْمْوَالِ
وَالاَْوْلاَدِ لِيَتَبَيَّنَ السَّاخِط لِرِزْقِهِ وَالرَّاضِي بِقِسْمِهِ، وإِنْ
كَانَ سُبْحَانَهُ أَعْلَمَ بِهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَلكِن لِتَظْهَرَ
الاَْفْعَالُ الَّتي بِهَا يُسْتَحَقُّ الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ، لاَِنَّ
بَعْضَهُمْ يُحِبُّ الذُّكُورَ وَيَكْرَهُ الاِْنَاثَ، وَبَعْضَهُمْ يُحِبُّ
تَثْمِيرَ الْمَالِ[9]
وَيَكْرَهُ انْثِلاَمَ الحَالِ[10].
وهذا من
غريب ما سمع منه(عليه السلام) في التفسير.
89. وسئل(عليه السلام) وعن الخير
ما هو؟
فقال:
لَيْسَ الْخَيْرُ أَنْ يَكْثُرَ مَالُكَ وَوَلَدُكَ، وَلكِنَّ الْخَيْرَ أَنْ
يَكْثُرَ عِلْمُكَ، وَأَنْ يَعْظُمَ حِلْمُكَ، وَأَنْ تُبَاهِيَ النَّاسَ
بِعِبَادَةِ رَبِّكَ، فَإِنْ أَحْسَنْتَ حَمِدْتَ اللهَ، وَإِنْ أَسَأْتَ
اسْتَغْفَرْتَ اللهَ.
وَلاَ
خَيْرَ فِي الدُّنْيَا إِلاَّ لِرَجُلَيْنِ: رَجُل أَذْنَبَ ذُنُوباً فَهُوَ
يَتَدَارَكُهَا بِالتَّوْبَةِ، وَرَجُل يُسَارِعُ فِي الْخَيْرَاتِ.
وَلاَ
يَقِلُّ عَمَلٌ مَعَ التَّقْوَى، وَكَيْفَ يَقِلُّ مَا يُتَقَبَّلُ؟
90. وقال(عليه السلام): إِنَّ
أَوْلَى النَّاسِ بِالاَْنْبِيَاءِ أَعْلَمُهُمْ بِمَا جَاؤُوا بِهِ، ثُمَّ
تَلاَ(عليه السلام): (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ
اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا واللهُ وَليُّ الْمُؤْمِنينَ)
ثُمَّ
قَالَ(عليه السلام): إِنَّ وَلِيَّ مُحَمَّد مَنْ أَطَاعَ اللهَ وإِنْ بَعُدَتْ
لُحْمَتُهُ[11]،
وَإِنَّ عَدُوَّ مُحَمَّد مَنْ عَصَى اللهَ وَإِنْ قَرُبَتْ قَرَابَتُهُ!
91. وقال(عليه السلام) وقد سمع
رجلاً من الحرورية[12]
يتهجّد[13]
ويقرأ، فقال: نَوْمٌ عَلَى يَقِين خَيْرٌ مِنْ صَلاَة فِي شَكّ.
92. وقال(عليه السلام): اعْقِلُوا
الْخَبَرَ إِذَا سَمِعْتُمُوهُ عَقْلَ رِعَايَة لاَ عَقْلَ رِوَايَة، فَإِنَّ
رُوَاةَ الْعِلْمِ كَثِيرٌ، وَرُعَاتَهُ قَلِيلٌ.
93. وقال(عليه السلام) وقد سمع
رجلاً يقول: (إنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)
فقال:
إِنَّ قَوْلَنا: (إِنَّا لله) إِقْرَارٌ عَلَى أَنْفُسِنَا بِالْمُلْكِ[14]، وقولَنَا:
(وإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) إِقْرَارٌ عَلَى أَنْفُسِنَا بِالْهُلْكِ[15].
94. وقال(عليه السلام) وقد مدحه
قوم في وجهه: اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَعْلَمُ بِي مِنْ نَفْسِي، وَأَنَا أَعْلَمُ
بِنَفْسِي مِنْهُمْ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا خَيْراً مِمَّا يَظُنُّونَ، وَاغْفِرْ
لَنَا مَا لاَ يَعْلَمُونَ.
95. وقال(عليه السلام): لاَ
يَسْتَقِيمُ قَضَاءُ الْحَوَائِجِ إِلاَّ بِثَلاَث: بِاسْتِصْغَارِهَا[16] لِتَعْظُمَ،
وَبِاسْتِكْتَامِهَا[17]
لِتَظْهَرَ،بِتَعْجِيلِهَا لِتَهْنَأَ[18].
96. وقال(عليه السلام): يَأْتِي
عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لاَ يُقَرَّبُ فِيهِ إِلاَّ الْمَاحِلُ[19]،
وَلاَ يُظَرَّفُ[20]
فِيهِ إِلاَّ الْفَاجِرُ، وَلاَ يُضَعَّفُ[21]
فِيهِ إِلاَّ الْمُنْصِفُ، يَعُدُّونَ الصَّدَقَةَ
فِيهِ
غُرْماً[22]،
وَصِلَةَ الرَّحِمِ مَنّاً[23]،
وَالْعِبَادَةَ اسْتِطَالَةً عَلَى النَّاس[24]!
فَعِنْدَ ذلِكَ يَكُونُ السُّلْطَانُ بِمَشُورَةِ الامَاءِ، وَإِمَارَةِ الصِّبْيَانِ،
وَتَدْبِيرِ الْخِصْيَانِ!
97. ورُؤيَ عليه إزار خَلَقٌ
مرقوع، فقيل له في ذلك.
فقال(عليه
السلام): يَخْشَعُ لَهُ الْقَلْبُ، وَتَذِلُّ بِهِ النَّفْسُ، وَيَقْتَدِي بِهِ
الْمُؤْمِنُونَ.
98. وقال(عليه السلام): إِنَّ
الدُّنْيَا وَالاْخِرَةَ عَدُوَّانِ مُتَفَاوِتَانِ، وَسَبِيلاَنِ مُخْتَلِفَانِ،
فَمَنْ أَحَبَّ الدُّنْيَا وَتَوَلاَّهَا أَبْغَضَ الاْخِرَةَ وَعَادَاهَا،
وَهُمَا بِمَنْزِلَةِ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، وَمَاش بَيْنَهُمَا، كُلَّمَا
قَرُبَ مِنْ وَاحِد بَعُدَ مِنَ الاْخَرِ، وَهُمَا بَعْدُ ضَرَّتَانِ!
99. وعن نوف البِكاليّ، قال: رأيت
أميرالمؤمنين(عليه السلام) ذات ليلة، وقد خرج من فراشه، فنظر في النجوم فقال: يا
نوف، أراقد أنت أم رامق؟
فقلت: بل
رامق[25]
يا أميرالمؤمنين.
قال: يَا
نَوْفُ، طُوبَى لِلزَّاهِدِينَ فِي الدُّنْيَا، الرَّاغِبِينَ فِي الاْخِرَةِ، أُولئِكَ
قَوْمٌ اتَّخَذُوا الاَْرْضَ بِسَاطاً،
وَتُرَابَهَا فِرَاشاً، وَمَاءَهَا طِيباً، وَالْقُرْآنَ شِعَاراً[26]،
وَالدُّعَاءَ دِثَاراً[27]،
ثُمَّ قَرَضوا الدُّنْيَا[28]
قَرْضاً عَلَى مِنْهَاجِ الْمَسِيحِ[29].
يَا
نَوْفُ، إِنَّ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَامَ فِى مِثْلِ هذِهِ السَّاعَةِ
مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ: إِنَّهَا سَاعَةٌ لاَ يَدْعُو فِيهَا عَبْدٌ إِلاَّ
اسْتُجِيبَ لَهُ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ عَشَّاراً[30]
أَوْ عَرِيفاً[31]
أَوْ شُرْطِيّاً[32]
أَوْ صَاحِبَ عَرْطَبَة (وهي الطنبور) أَوْ صَاحِبَ كَوْبَة (وهي الطبل، وقد قيل
أيضاً: إنّ العَرْطَبَةَ: الطبلُ، والكوبةَ: الطنبور).
100. وقال(عليه السلام): إِنَّ
اللهَ افْتَرَضَ عَلَيْكُمُ فَرَائِضَ فَلاَ تُضَيِّعُوهَا، وَحَدَّ لَكُمْ
حُدُوداً فَلاَ تَعْتَدُوهَا، وَنَهَاكُمْ عَنْ أَشْيَاءَ فَلاَ تَنْتَهِكُوهَا[33]، وَسَكَتَ
لَكُمْ عَنْ أَشْيَاءَ وَلَمْ يَدَعْهَا نِسْيَاناً فَلاَ تَتَكَلَّفُوهَا[34].
101. وقال(عليه السلام): لاَ
يَتْرُكُ النَّاسُ شَيْئاً مِنْ أَمْرِ دِينِهِمْ لاِسْتِصْلاَحِ دُنْيَاهُمْ
إلاَّ فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِمْ مَا هُوَ أَضَرُّ مِنْهُ.
102. وقال(عليه السلام): رُبَّ
عَالِم قَدْ قَتَلَهُ جَهْلُهُ، وَعِلْمُهُ مَعَهُ لاَ يَنْفَعُهُ.
103. وقال(عليه السلام): لَقَدْ
عُلِّقَ بِنِيَاطِ[35]
هذَا الاِْنْسَانِ بَضْعَةٌ[36]
هِيَ أَعْجَبُ مَا فِيهِ: وَذلِكَ الْقَلْبُ، وَلَهُ مَوَادّ مِنَ الْحِكْمَةِ
وَأَضْدَادٌ مِنْ خِلاَفِهَا، فَإِنْ سَنَحَ لَهُ[37]
الرَّجَاءُ أَذَلَّهُ الطَّمَعُ، وَإِنْ هَاجَ بِهِ الطَّمَعُ أَهْلَكَهُ
الْحِرْصُ،إِنْ مَلَكَهُ الْيَأْسُ قَتَلَهُ الاَْسَفُ، وإِنْ عَرَضَ لَهُ
الْغَضَبُ اشتَدَّ بِهِ الْغَيْظُ، وَإِنْ أَسْعَدَهُ الرِّضَى نَسِيَ
التَّحَفُّظَ[38]،إِنْ
غَالَهُ الْخَوْفُ شَغَلَهُ الْحَذَرُ، وَإِن اتَّسَعَ لَهُ الاَْمْنُ
اسْتَلَبَتْهُ الْغِرَّةُ[39]،
وَإِن أَصَابَتهُ مُصِيبَةٌ فَضَحَهُ الْجَزَعُ، وَإِنْ أَفَادَ مَالاً[40] أَطْغَاهُ
الغِنَى، وَإِنْ عَضَّتْهُ الْفَاقَةُ[41]
شَغَلَهُ الْبَلاَءُ، وَإِنْ جَهَدَهُ[42]
الْجُوعُ قَعَدَ بِهِ الضَّعْفُ، وإِنْ أَفْرَطَ بِهِ الشِّبَعُ كَظَّتْهُ[43] الْبِطْنَةُ[44]، فَكُلُّ
تَقْصِير بِهِ مُضِرٌّ، وَكُلُّ إِفْرَاط لَهُ مُفْسِدٌ.
104. وقال(عليه السلام): نَحْنُ
الُّنمْرُقَةُ الْوُسْطَى[45]،
بِهَا يَلْحَقُ التَّالِي، وَإِلَيْهَا يَرْجِعُ الْغَالِي[46].
105. وقال(عليه السلام): لاَ
يُقِيمُ أَمْرَ اللهِ سُبْحَانَهُ إلاَّ مَنْ لاَ يُصَانِعُ[47]،
وَلاَ يُضَارِعُ[48]،
وَلاَ يَتَّبِعُ الْمَطَامِعَ[49].
106. وقال(عليه السلام) وقد توفي
سهل بن حُنَيْف الانصاري بالكوفة بعد مرجعه معه من صفين، وكان من أحبّ الناس إليه:
لَوْ
أَحَبَّنِي جَبَلٌ لَتَهَافَتَ[50].
معنى ذلك:
أنّ المحنة تغلظ عليه، فتسرع المصائب إليه، ولا يفعل ذلك إلاَّ بالاتقياء الابرار
والمصطفين الاخيار، وهذا مثل قوله (عليه السلام):
107. مَنْ أَحَبَّنَا أَهْلَ
الْبَيْتِ فَلْيَسْتَعِدَّ لِلْفَقْرِ جِلْبَاباً.
وقد
تُؤُوّل ذلك على معنى آخر ليس هذا موضع ذكره.
108. وقال(عليه السلام): لاَ مَالَ
أَعْوَدُ[51]
مِنَ الْعَقْلِ، وَلاَ وَحْدَةَ أَوْحَشُ مِنَ الْعُجْبِ[52]،
وَلاَ عَقْلَ كَالتَّدْبِيرِ، وَلاَ كَرَمَ كَالتَّقْوَى، وَلاَ قَرِينَ كَحُسْنِ
الْخُلْقِ،
وَلاَ
مِيرَاثَ كَالاْدَبِ، وَلاَ قَائِدَ كَالتَّوْفِيقِ، وَلاَ تِجَارَةَ كَالْعَمَلِ
الصَّالِحِ، وَلاَ رِبْحَ كَالثَّوَابِ، وَلاَ وَرَعَ كالْوُقُوفِ عِنْدَ
الشُّبْهَةِ، وَلاَ زُهْدَ كَالزُّهْدِ فِي الْحَرَامِ، ولاَ عِلْمَ
كَالتَّفَكُّرِ، وَلاَ عِبَادَةَ كَأَدَاءِ الْفَرائِضِ، وَلاَ إِيمَانَ
كَالْحَيَاءِ وَالصَّبْرِ، وَلاَ حَسَبَ كَالتَّوَاضُعِ، وَلاَ شَرَفَ
كَالْعِلْمِ، وَلاَ مُظَاهَرَةَ أَوْثَقُ مِن مُشَاوَرَة.
109. وقال(عليه السلام): إِذَا
اسْتَوْلَى الصَّلاَحُ عَلَى الزَّمَانِ وَأَهْلِهِ ثُمَّ أَسَاءَ رَجُلٌ الظَّنَّ
بِرَجُل لَمْ تَظْهَرْ مِنْهُ خزْيَة[53]
فَقَدْ ظَلَمَ! وَإِذَا اسْتَوْلَى الْفَسَادُ عَلَى الزَّمَانِ وأَهْلِهِ
فَأَحْسَنَ رَجُلٌ الظَّنَّ بِرَجُل فَقَدْ غَرَّرَ[54]!
110. وقيل له (عليه السلام): كيف
نجدك يا أميرالمؤمنين؟
فقال:
كَيْفَ يَكُونُ مَنْ يَفْنَى بِبِقَائِهِ[55]،
وَيَسْقَمُ بِصِحَّتِهِ[56]،
وَيُؤْتَى مِنْ مَأْمَنِهِ[57]!
111. وقال(عليه السلام): كَمْ مِنْ
مُسْتَدْرَج[58]
بِالاِْحْسَان إلَيْهِ، وَمَغْرور بِالسَّتْرِ عَلَيْهِ، وَمَفْتُون بِحُسْنِ
الْقَوْلِ فِيهِ! وَمَا ابْتَلَى[59]
اللهُ أَحَداً بِمِثْلِ الاِْمْلاَءِ لَهُ[60].
112. وقال(عليه السلام): هَلَكَ
فِيَّ رَجُلاَنِ: مُحِبٌّ غَال[61]
وَمُبْغِضٌ قَال[62].
113. وقال(عليه السلام): إضَاعَةُ
الْفُرْصَةِ غُصَّةٌ.
114. وقال(عليه السلام): مَثَلُ
الدُّنْيَا كَمَثَلِ الْحَيَّةِ: لَيِّنٌ مَسُّهَا، وَالسُّمُّ النَّاقِعُ فِي
جَوْفِهَا، يَهْوِي إِلَيْهَا الْغِرُّ الْجَاهِلُ، وَيَحْذَرُهَا ذُو اللُّبِّ
الْعَاقِلُ!
115. وقال(عليه السلام) وقد سئل عن
قريش: أَمَّا بَنُو مَخْزُوم فَرَيْحَانَةُ قُرَيْش، نُحِبُّ حَدِيثَ رِجَالِهِمْ،
وَالنِّكَاحَ فِي نِسَائِهِمْ.
وَأَمَّا
بَنُو عَبْدِ شَمس فَأَبْعَدُهَا رَأْياً، وَأَمْنَعُهَا لِمَا وَرَاءَ
ظُهُورِهَا.
وَأَمَّا
نَحْنُ فَأَبْذَلُ لِمَا فِي أَيْدِينَا، وَأَسْمَحُ عِنْدَ الْمَوْتِ
بِنُفُوسِنَا.
وَهُمْ
أَكْثَرُ وَأَمْكَرُ وَأَنْكَرُ، وَنَحْنُ أَفْصَحُ وَأَنْصَحُ وَأَصْبَحُ.
116. وقال(عليه السلام): شَتَّانَ
بَيْنَ عَمَلَيْنِ: عَمَل تَذْهَبُ لَذَّتُهُ وَتَبْقَى تَبِعَتُهُ، وَعَمَل
تَذْهَبُ مَؤُونَتُهُ وَيَبْقَى أَجْرُهُ.
117. وتبع جنازة فسمع رجلاً يَضحك،
فقال(عليه السلام): كَأَنَّ الْمَوْتَ فِيهَا عَلَى غَيْرِنَا كُتِبَ، وَكَأَنَّ
الْحَقَّ فِيهَا عَلَى غَيْرِنَا وَجَبَ، وَكَأَنَّ الَّذِي نَرَى مِنَ
الاَْمْوَاتِ سَفْرٌ[63]
عَمَّا قَلِيل إِلَيْنَا رَاجِعُونَ! نُبَوِّئُهُمْ[64]
أَجْدَاثَهُمْ[65]،نَأْكُلُ
تُرَاثَهُمْ[66]،
كَأَنَّا مُخَلَّدُونَ، قَدْ نَسِينَا كُلَّ وَاعِظ وَوَاعِظَة، وَرُمِينَا
بِكُلِّ جَائِحَة[67]!!
118. [وقال(عليه السلام):] طُوبَى
لِمَنْ ذَلَّ فِي نَفْسِهِ، وَطَابَ كَسْبُهُ، وَصَلَحَتْ سَرِيرَتُهُ، وَحَسُنَتْ
خَلِيقَتُهُ[68]،أَنْفَقَ
الْفَضْلَ مِنْ مَالِهِ، وَأَمْسَكَ الْفَضْلَ مِنْ لِسَانِهِ، وَعَزَلَ عَنِ
النَّاسِ شَرَّهُ، وَوَسِعَتْهُ السُّنَّةُ، وَلَمْ يُنْسَبْ إِلَى الْبِدْعَةِ.
ومن الناس
من ينسب هذا الكلام إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله).
119. وقال(عليه السلام): غَيْرَةُ
الْمَرْأَةِ كُفْرٌ[69]،
وَغْيْرَةُ الرَّجُلِ إيمَانٌ.
120. وقال(عليه السلام):
لاََنْسُبَنَّ الاِْسْلاَمَ نِسْبَةً لَمْ يَنسُبْهَا أَحَدٌ قَبْلِي:
الاِْسْلاَمُ
هُوَ التَّسْلِيمُ، وَالتَّسْلِيمُ هُوَ الْيَقِينُ، وَالْيَقِينُ هُوَ
التَّصْدِيقُ، وَالتَّصْدِيقُ هُوَ الاِْقْرَارُ، وَالاِْقْرَارُ هُوَ الاَْدَاءُ،
وَالاَْدَاءُ هَوَ الْعَمَلُ.