361. وقال(عليه السلام): يَأْتِي
عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لاَ يَبْقى فِيهِمْ مِنَ الْقُرآنِ إِلاَّ رَسْمُهُ،
وَمِنَ الاِْسْلاَمِ إِلاَّ اسْمُهُ، مَسَاجِدُهُمْ يَوْمَئِذ عَامِرَةٌ مِنَ
البُنَى، خَرَابٌ مِنَ الْهُدَى، سُكَّانُهَا وَعُمَّارُهَا شَرُّ أَهْلِ الاَْرْضِ،
مِنْهُمْ تَخْرُجُ الْفِتْنَةُ، وَإِلَيْهِمْ تَأوِي الْخَطِيئَةُ، يَرُدُّونَ
مَنْ شَذَّ عَنْهَا فِيهَا، وَيَسُوقوُنَ مَن تأَخَّرَ عَنْهَا إِلَيْهَا، يَقُولُ
اللهُ تعالى: فَبِي حَلَفْتُ لاََبْعَثَنَّ عَلَى أُولئِكَ فِتْنَةً أَتْرُك
الْحَلِيمَ فِيهَا حَيْرَانَ، وَقَدْ فَعَلَ، وَنَحْنُ نَسْتَقِيلُ اللهَ عَثْرَةَ
الْغَفْلَةِ.
362. وقال(عليه السلام) لجابر بن
عبدالله الانصاري:
يَا
جَابِرُ، قِوَامُ [الدِّينِ وَ ]الدُّنْيَا بِأَرْبَعَة: عَالِم مُسْتَعْمِل
عِلْمَهُ، وَجَاهِل لاَ يَسْتَنْكِفُ أَنْ يَتَعَلَّمَ، وَجَوَاد لاَ يَبْخَلُ
بِمَعْرُوفِهِ، وَفَقِير لاَ يَبِيعُ آخِرَتَهُ بِدُنْيَاهُ; فَإِذَا ضَيَّعَ
الْعَالِمُ عِلْمَهُ اسْتَنْكَفَ[1]
الْجَاهِلُ أَنْ يَتَعَلَّمَ، وَإِذَا بَخِلَ الْغَنِيُّ بِمَعْرُوفِهِ بَاعَ
الْفَقِيرُ آخِرَتَهُ بِدُنْيَاهُ.
يَا
جَابِرُ، مَنْ كَثُرَتْ نِعَمُ اللهِ عَلَيْهِ كَثُرَتْ حَوَائِجُ النَّاسِ
إِلَيْهِ، فَمَنْ قَامَ لله فِيهَا بِمَا يَجِبُ عَرَّضَهَا[2]
لِلدَّوَامِ وَالْبَقَاءِ، وَمَنْ لَمْ يَقُمْ لله فِيهَا بمَا يَجِبُ عَرَّضَهَا
لِلزَّوَالِ وَالْفَنَاءِ.
363. وروى ابن جرير الطبري في
تاريخه عن عبدالرحمن بن أبي ليلى الفقيه. وكان ممن خرج لقتال الحجاج مع ابن
الاشعث. أنه قال فيما كان يحضُّ به الناسَ على الجهاد: إني سمعتُ علياً(عليه
السلام) يقول يوم لقينا أهل الشام:
أَيُّهَا
الْمُؤْمِنُونَ، إِنَّهُ مَنْ رَأَى عُدْوَاناً يُعْمَلُ بِهِ وَمُنْكَراً يُدْعَى
إِلَيْهِ، فَأَنْكَرَهُ بِقَلْبِهِ فَقَدْ سَلِمَ وَبَرِىءَ[3]،
وَمَنْ أَنْكَرَهُ بِلِسَانِهِ فَقَدْ أُجِرَ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ صَاحِبِهِ،
وَمَنْ أَنْكرَهُ بِالسَّيْفِ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا
وَكَلِمَةُ الظَّالِمِينَ السُّفْلَى، فَذلِكَ الَّذِي أَصَابَ سَبيلَ الْهُدَى،
وَقَامَ عَلَى الطَّريق، وَنَوَّرَ فِي قَلْبِهِ الْيَقِينُ.
364. وقد قال(عليه السلام) في كلام
غير هذا يجري هذا المجرى: فَمِنْهُمُ الْمُنْكِرُ للْمُنْكَرِ بيَدِهِ وَلِسَانِهِ
وَقَلْبِهِ فَذَلِكَ الْمُسْتَكْمِلُ لِخِصَالِ الْخَيْرِ، وَمِنْهُمُ الْمُنْكِرُ
بِلِسَانِهِ وَقَلْبهِ وَالتَّارِكُ بِيَدِهِ فَذلِكَ مُتَمَسِّكٌ بِخَصْلَتيَنِ
مِنْ خِصَالِ الْخَيْرِ وَمُضَيِّعٌ خَصْلَةً، وَمِنْهُمُ الْمُنْكِرُ بِقَلْبِهِ
وَالتَّارِكُ بيَدِهِ وَلِسَانِهِ فَذلِكَ الَّذِي ضَيَّعَ أَشْرَفَ
الْخَصْلَتَيْنِ[4]
مِنَ الثَّلاَثِ وَتَمَسَّكَ بوَاحِدَة، وَمِنْهُمْ تَارِكٌ لاِِنْكَارِ
الْمُنكَرِ بِلِسَانِهِ وَقَلْبِهِ وَيَدِهِ فَذلِكَ مَيِّتُ الاَْحْيَاءِ.
وَمَا
أَعْمَالُ الْبِرِّ كُلُّهَا وَالْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ، عِنْدَ الاَْمْرِ
بالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنكَرِ، إِلاَّ كَنَفْثَة[5]
فِي بَحْر لُجِّيّ[6]،
وَإِنَّ الاَْمْرَ بالْمَعْروُفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنكَرِ لاَ يُقَرِّبَانِ
مِنْ أَجَل، وَلاَ يَنْقصَانِ مِنْ رِزْق، وَأَفضَلُ مِنْ ذلِكَ كُلِّهِ كَلِمَةُ
عَدْل عِنْدَ إِمَام جَائِر.
365. وعن أبي جُحَيْفَةَ قال: سمعت
أميرالمؤمنين(عليه السلام) يقول: أَوَّلُ مَا تُغْلَبُونَ عَلَيْهِ[7]
مِنَ الْجِهَادِ الْجِهَادُ بِأَيْدِيكُمْ، ثُمَّ بِأَلْسِنَتِكُمْ، ثُمَّ
بِقُلُوبِكُمْ; فَمَنْ لَمْ يَعْرِفْ بِقَلْبِهِ مَعْرُوفاً، وَلَمْ يُنْكِرْ مُنْكَراً،
قُلِبَ فَجُعِلَ أَعْلاَهُ أَسْفَلَهُ، وَأَسَفَلُهُ أَعْلاَهُ.
366. وقال(عليه السلام): إِنَّ
الْحَقَّ ثَقِيلٌ مَرِيءٌ[8]،
وَإِنَّ الْبَاطِلَ خَفِيفٌ وَبِيءٌ[9].
367. وقال(عليه السلام): لاَ
تَأْمَنَنَّ عَلَى خَيْرِ هذِهِ الاُْمَّةِ عَذَابَ اللهِ، لِقَوْلِهِ تَعَالى:
(فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ) وَلاَ تَيْأَسَنَّ
لِشَرِّ هذِهِ الاُْمَّةِ مِنْ رَوْحِ اللهِ[10]،
لِقَوْلِهِ سبحانه وتَعَالَى: (إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلاَّ
الْقَوْمُ الْكَافرُونَ)
368. وقال(عليه السلام): الْبُخْلُ
جَامعٌ لِمَسَاوِىءِ الْعُيُوبِ، وَهُوَ زِمَامٌ يُقَادُ بهِ إِلَى كُلِّ سُوء.
369. وقال(عليه السلام): الرِّزْقُ
رِزْقَانِ: رِزْقٌ تَطْلُبُهُ، وَرِزْقٌ يَطْلُبُكَ، فَإِنْ لَمْ تَأْتِهِ
أَتَاكَ، فَلاَ تَحْمِلْ هَمَّ سَنَتِكَ عَلَى هَمِّ يَوْمِكَ! كَفَاكَ كُلُّ
يَوْم مَا فيِهِ، فَإِنْ تَكُنِ السَّنَةُ مِنْ عُمُرِكَ فَإنَّ اللهَ تَعَالَى
سَيُؤْتِيكَ فِي كُلِّ غَدِ جَدِيد مَاقَسَمَ لَكَ، وَإِنْ لَمْ تَكُنِ السَّنَةُ
مِنْ عُمُرِكَ فَمَا تَصْنَعُ بِالْهَمِّ لِمَا لَيْسَ لَكَ، وَلَنْ يَسْبِقَكَ إِلَى
رِزْقِكَ طَالِبٌ، وَلَنْ يَغْلِبَكَ عَلَيْهِ غَالِبٌ، وَلَنْ يُبْطِىءَ عَنْكَ
مَا قَدْ قُدِّرَ لَكَ. وقد مضى هذا الكلام فيما تقدم من هذا الباب، إلاّ أنه ها
هنا أوضح وأشرح، فلذلك كررناه على القاعدة المقررة في أول هذا الكتاب.
370. وقال(عليه السلام): رُبَّ
مُسْتَقْبِل يَوْماً لَيْسَ بِمُسْتَدْبِرِهِ[11]،
وَمَغْبُوط[12]
فِي أَوَّلِ لَيْلِهِ قَامَتْ بَوَاكِيهِ فِي آخِرِهِ.
371. وقال(عليه السلام):
الْكَلاَمُ فِي وَثَاقِكَ[13]
مَا لَمْ تَتَكَلَّمْ بِهِ، فَإذَا تَكَلَّمْتَ بِهِ صِرْتَ فِي وَثَاقِهِ،
فَاخْزُنْ[14]
لِسَانَكَ كَمَا تَخْزُنُ ذَهَبَكَ وَوَرِقَكَ[15]،
فَرُبَّ كَلِمَة سَلَبَتْ نِعْمَةً [وَجَلَبَتْ نِقْمَةً].
372. وقال(عليه السلام): لاَ
تَقُلْ مَا لاَ تَعْلَمُ، [بَلْ لاَ تَقُلْ كُلَّ مَا تَعْلَمُ، ]فَإِنَّ اللهَ
سبحانه قد فَرَضَ عَلَى جَوَارِحِكَ كُلِّهَا فَرَائِضَ يَحْتَجُّ بِهَا عَلَيْكَ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
373. وقال(عليه السلام): احْذَرْ
أَنْ يَرَاكَ اللهُ عِنْدَ مَعْصِيَتِهِ، وَيَفْقِدَكَ عِنْدَ طَاعَتِهِ،
فَتَكُونَ مِنَ الْخَاسِرِينَ، وَإِذَا قَوِيتَ فَاقْوَ عَلَى طَاعَةِ اللهِ،
وَإِذَا ضَعُفْتَ فاضْعُفْ عَنْ مَعْصِيَةِ اللهِ.
374. وقال(عليه السلام):
الرُّكُونُ إِلَى الدُّنْيَا مَعَ مَا تُعَايِنُ[16]
مِنْهَا جَهْلٌ، وَالتَّقْصِيرُ فِي حُسْنِ الْعَمَلِ إذَا وَثِقْتَ بِالثَّوَابِ
عَلَيْهِ غَبْنٌ[17]،
وَالطُّمَأْنِينَةُ إِلَى كُلِّ أَحَد قَبْلَ الاِْخْتِبَار عَجْزٌ.
375. وقال(عليه السلام): مِنْ
هَوَانِ الدُّنْيَا عَلَى اللهِ أَنَّهُ لاَ يُعْصَى إِلاَّ فِيهَا، وَلاَ يُنَالُ
مَا عِنْدَهُ إِلاَّ بِتَرْكِهَا.
376. وقال(عليه السلام): مَنْ
طَلَبَ شَيْئاً نَالَهُ أَوْ بَعْضَهُ.
377. وقال(عليه السلام): مَا
خَيْرٌ بِخَيْر بَعْدَهُ النَّارُ، وَمَا شَرٌّ بِشَرٍّ بَعْدَهُ الْجَنَّةُ،
وَكُلُّ نَعِيم دوُنَ الْجَنَّةِ مَحْقُورٌ[18]،كُلُّ
بَلاَء دُونَ النَّارِ عَافِيَةٌ.
378. وقال(عليه السلام): أَلاَ
وإِنَّ مِنَ الْبَلاَءِ الْفَاقَةَ[19]،
وَأَشَدُّ مِنَ الْفَاقَةِ مَرَضُ الْبَدَنِ، وَأشدُّ مِنْ مَرَضِ الْبَدَنِ
مَرَضُ الْقَلْبِ.
أَلاَ
وإِنَّ مِنَ النِّعَم سَعَةَ الْمَالِ، وَأَفْضَلُ مِن سَعَةِ الْمَالِ صِحّةُ
الْبَدَنِ، وَأَفْضَلُ مِنْ صِحَّةِ الْبَدَنِ تَقْوَى الْقَلْبِ.
[379. وقال(عليه السلام): مَنْ
أَبْطَأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ.
وفي رواية
أُخْرى: مَنْ فَاتَهُ حَسَبُ نَفْسِهِ لَمْ يَنْفَعْهُ حَسَبُ آبَائِهِ].
380. وقال(عليه السلام):
لِلْمُؤْمِنِ ثَلاَثُ سَاعَات: فَسَاعَةٌ يُنَاجِي فِيهَا رَبَّهُ، وَسَاعَةٌ
يَرُمُّ[20]
مَعَاشَهُ، وَسَاعَةٌ يُخَلِّي بَيْنَ نَفْسِهِ وَبَيْنَ لَذَّتِهَا فِيَما
يَحِلُّ وَيَجْمُلُ.
وَلَيْسَ
لِلْعَاقِلِ أَنْ يَكُونَ شَاخِصاً إِلاَّ فِي ثَلاَث: مَرَمَّة[21]
لِمَعَاش، أَوْ خُطْوَة فِي مَعَاد[22]،
أَوْ لَذَّة فِي غَيْرِ مُحَرَّم.
381. وقال(عليه السلام): ازْهَدْ
فِي الدُّنْيَا يُبَصّرْكَ اللهُ عَوْرَاتِهَا، وَلاَ تَغْفُلْ فَلَسْتَ
بِمَغْفُول عَنْكَ!
382. وقال(عليه السلام):
تَكَلَّمُوا تُعْرَفُوا، فَإِنَّ الْمَرْءَ مَخْبُوءٌ تَحْتَ لِسَانِهِ.
383. وقال(عليه السلام): خُذْ مِنَ
الدُّنيَْا مَا أَتَاكَ، وَتَوَلَّ عَمَّا تَوَلَّى عَنْكَ، فَإِنْ أَنْتَ لَمْ
تَفْعَلْ فَأَجْمِلْ فِي الطَّلَبِ[23].
384. وقال(عليه السلام): رُبَّ
قَوْل أَنْفَذُ مِنْ صَوْل[24].
385. وقال(عليه السلام): كُلُّ
مُقْتَصَر[25]
عَلَيْهِ كَاف.
386. وقال(عليه السلام):
الْمَنِيَّةُ[26]
وَلاَ الدَّنِيَّةُ[27]!
وَالتّقَلُّلُ[28]
وَلاَ التَّوَسُّلُ[29]،
وَمَنْ لَمْ
يُعْطَ
قَاعِداً لَمْ يُعْطَ قَائِماً[30]،
وَالدَّهْرُ يَوْمَانِ: يَوْمٌ لَكَ، وَيَوْمٌ عَلَيْكَ; فَإذَا كَانَ لَكَ فَلاَ
تَبْطَرْ، وَإِذَا كَانَ عَلَيْكَ فَاصْبِرْ!.
[387. وقال(عليه السلام): نِعْمَ
الطِّيبُ الْمِسْكُ، خَفِيفٌ مَحْمِلُهُ، عَطِرٌ رِيحُهُ.
388. وقال(عليه السلام): ضَعْ
فَخْرَكَ، وَاحْطُطْ كِبْرَكَ، وَاذْكُرْ قَبْرَكَ.
389. وقال(عليه السلام): إِنَّ
لِلْوَلَدِ عَلَى الْوَالِدِ حَقّاً، وَإِنَّ لِلْوَالِدِ عَلَى الْوَلَدِ حَقّاً:
فَحَقُّ الْوَالِدِ عَلَى الْوَلَدِ أَنْ يُطِيعَهُ فِي كُلِّ شَيْء إِلاَّ فِي
مَعْصِيَةِ اللهِ سُبْحَانَهُ، وَحَقُّ الْوَلَدِ عَلَى الْوَالِدِ أَنْ يُحَسِّنَ
اسْمَهُ وَيُحَسِّنَ أَدَبَهُ وَيُعَلِّمَهُ الْقُرْآنَ.
390. وقال(عليه السلام): الْعَيْنُ
حَقٌّ، وَالرُّقَى حَقٌّ، وَالسِّحْرُ حَقٌّ، وَالْفَأْلُ[31]
حَقٌّ، وَالطِيَرَةُ[32]
لَيْسَتْ بِحَقّ، وَالْعَدْوَى لَيْسَتْ بِحَقّ، والطِّيبُ نُشْرَةٌ[33]،
وَالْعَسَلُ نُشْرَةٌ، وَالرُّكُوبُ نُشْرَةٌ، وَالنَّظَرُ إِلَى الْخُضْرَةِ
نُشْرَةٌ].
391. وقال(عليه السلام):
مُقَارَبَةُ النَّاسِ فِي أَخْلاَقِهِمْ أَمْنٌ مِنْ غَوَائِلِهِمْ[34].
392. وقال(عليه السلام) لبعض
مخاطبيه، وقد تكلم بكلمة يُسْتَصْغَرُ مثلُه عن قول مثلها: لَقَدْ طِرْتَ
شَكيِراً،هَدَرْتَ سَقْباً. والشكير هاهنا: أول ما ينبت من ريش الطائر قبل أن يقوى
ويستحصف، والسقب: الصغير من الابل ولا يهدر إلا بعد أن يستفحل.
393. وقال(عليه السلام): مَنْ
أَوْمَأَ[35]
إِلَى مُتَفَاوِت[36]
خَذَلَتْهُ الْحِيَلُ[37].
394. وقال(عليه السلام)وَقَدْ
سُئِلَ عن معنى قولهم: لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ باللهِ:
إِنَّا لاَ
نَمَلِكُ مَعَ اللهِ شَيْئاً، وَلاَ نَمْلِكُ إِلاَّ مَا مَلَّكَنَا، فَمَتَى
مَلَّكَنَا مَا هُوَ أَمْلَكُ بِهِ مِنَّا[38]
كَلَّفَنَا، وَمَتى أَخَذَهُ مِنَّا وَضَعَ تَكْلِيفَهُ عَنَّا.
395. وقال(عليه السلام)لعمار بن
ياسر رحمه الله، وقد سمعه يراجع المغيرة بن شعبة كلاماً: دَعْهُ يَا عَمَّارُ،
فَإِنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ مِنَ الدِّينِ إِلاَّ مَا قَارَبَتْهُ الدُّنْيَا،
وَعَلَى عَمد لَبَّسَ عَلَى نَفْسِهِ[39]،
لِيَجْعَلَ الشُّبُهَاتِ عَاذِراً لِسَقَطَاتِهِ.
396. وقال(عليه السلام): مَا
أَحْسَنَ تَوَاضُعَ الاَْغْنِيَاءِ لِلْفُقَرَاءِ طَلَباً لِمَا عِنْدَ اللهِ!
وأَحْسَنُ مِنْهُ تِيهُ الْفُقَرَاءِ عَلَى الاَْغْنِيَاءِ اتِّكَالاً عَلَى الله.
397. وقال(عليه السلام): مَا
اسْتَوْدَعَ اللهُ امْرَأً عَقْلاً إِلاَّ اسْتَنْقَذَهُ[40]
بِهِ يَوْماً مَا!
398. وقال(عليه السلام): مَنْ
صَارَعَ الْحَقَّ صَرَعَهُ.
399. وقال(عليه السلام): الْقَلْبُ
مُصْحَفُ الْبَصَرِ[41].
400. وقال(عليه السلام): التُّقَى
رَئِيسُ الاَْخْلاَقِ.
401. وقال(عليه السلام): لاَ
تَجْعَلَنَّ ذَرَبَ[42]
لِسَانِكَ عَلَى مَنْ أَنْطَقَكَ، وَبَلاَغَةَ قَوْلِكَ عَلَى مَنْ سَدَّدَكَ[43].
402. وقال(عليه السلام): كَفَاكَ
أَدَباً لِنَفْسِكَ اجْتِنَابُ مَا تَكْرَهُهُ مِنْ غَيْرِكَ.
403. وقال(عليه السلام): مَنْ
صَبَرَ صَبْرَ الاَْحْرَارِ، وَإِلاَّ سَلاَ[44]
سُلُوَّ الاَْغْمَارِ[45].
404. وفي خبر آخر أنّه(عليه
السلام) قال للاشعث بن قيس معزياً: إِنْ صَبَرْتَ صَبْرَ الاَْكَارِمِ، وَإِلاَّ
سَلَوْتَ سُلُوَّ الْبَهَائِمِ.
405. وقال(عليه السلام) في صفة
الدنيا: تَغُرُّ وَتَضُرُّ وَتَمُرُّ، إِنَّ اللهَ تَعَالَى لَمْ يَرْضَهَا
ثَوَاباً لاَِوْلِيَائِهِ، وَلاَ عِقَاباً لاَِعْدَائِهِ، وَإِنَّ أَهْلَ
الدُّنْيَا كَرَكْب بَيْنَا هُمْ حَلُّوا إِذْ صَاحَ بِهِمْ سَائِقُهُمْ
فَارْتَحَلُوا[46].
406. وقال لابنه الحسن(عليهما
السلام): يا بُنَيَّ لاَ تُخَلِّفَنَّ وَرَاءَكَ شَيْئاً مِنَ الدُّنْيَا، فَإِنَّكَ
تُخَلِّفُهُ لاَِحَدِ رَجُلَيْنِ: إِمَّا رَجُل عَمِلَ فِيهِ بِطَاعَةِ اللهِ
فَسَعِدَ بِمَا شَقِيتَ بِهِ، وَإِمَّا رَجُل عَمِلَ فِيهِ بِمَعْصِيَةِ اللهِ
[فَشَقِيَ بِمَا جَمَعْتَ لَهُ] فَكُنْتَ عَوْناً لَهُ عَلى مَعْصِيَتِهِ،
وَلَيْسَ أَحَدُ هذَيْنِ حَقِيقاً أَنْ تُؤْثِرَهُ عَلَىُ نَفْسِكَ.
و يروى هذا
الكلام على وجه آخر، وهو:
أَمَّا
بَعْدُ، فَإِنَّ الَّذِي فِي يَدِكَ مِنَ الدُّنْيَا قَدْ كَانَ لَهُ أَهْلٌ
قَبْلَكَ، وَهُوَ صَائِرٌ إِلَى أَهْل بَعْدَكَ، وَإِنَّمَا أَنْتَ جَامعٌ
لاَِحَدِ رَجُلَيْنِ: رَجُل عَمِلَ فِيَما جَمَعْتَهُ بِطَاعَةِ اللهِ فَسَعِدَ
بِمَا شَقِيتَ بِهِ، أَوْ رَجُل عَمِلَ فِيهِ بِمَعْصِيَةِ اللهِ فَشَقِيَ بِمَا
جَمَعْتَ لَهُ، وَلَيْسَ أَحَدُ هذَيْنِ أَهْلاً أَنْ تُؤْثِرَهُ عَلَى نَفْسِكَ
تَحْمِلَ لَهُ عَلَى ظَهْرِكَ، فارْجُ لِمَنْ مَضَى رَحْمَةَ اللهِ،لِمَنْ بَقِيَ
رِزْقَ الله.
407. وقال(عليه السلام)لقائل قال
بحضرته: أَسْتَغْفِرُ اللهَ.
ثَكِلَتْكَ
أُمُّكَ، أَتَدْرِي مَا الاِْسْتِغْفَارُ؟ إنَّ الاْسْتِغْفَارَ دَرَجَةُ
الْعِلِّيِّينَ، وَهُوَ اسْمٌ وَاقِعٌ عَلَى سِتَّةِ مَعَان:
أَوَّلُهَا:
النَّدَمُ عَلَى مَا مَضَى.
وَالثَّانِي:
الْعَزْمُ عَلَى تَرْكِ الْعَوْدِ إِلَيْهِ أَبَداً.
وَالثَّالِثُ:
أَنْ تُؤَدِّيَ إِلَى الْـمَخْلُوقِينَ حُقُوقَهُمْ حَتَّى تَلْقَى اللهَ عزّوجلّ
أَمْلَسَ لَيْسَ عَلَيْكَ تَبِعَةٌ.
وَالرَّابِعُ:
أَنْ تَعْمِدَ إِلَى كُلِّ فَرِيضَة عَلَيْكَ ضَيَّعْتَهَا فَتُؤَدِّيَ حَقَّهَا.
وَالْخَامِسُ:
أَنْ تَعْمِدَ إِلَى اللَّحْمِ الَّذِي نَبَتَ عَلَى السُّحْتِ[47]
فَتُذِيبَهُ بالاَْحْزَانِ، حَتَّى يَلْصِقَ الْجِلْدُ بِالْعَظْمِ، وَيَنْشَأَ
بَيْنَهُمَا لَحْمٌ جَدِيدٌ.
وَالسَّادِسُ:
أَنْ تُذِيقَ الْجِسْمَ أَلَمَ الطَّاعَةِ كَمَا أَذَقْتَهُ حَلاَوَةَ
الْمَعْصِيَةِ.
فَعِنْدَ
ذلِكَ تَقُولُ: أَسْتَغْفِرُاللهَ.
408. وقال(عليه السلام): الْحِلْمُ
عَشِيرَةٌ[48].
409. وقال(عليه السلام): مِسْكِينٌ
ابْنُ آدَمَ: مَكْتُومُ الاَْجَلِ، مَكْنُونُ[49]
الْعِلَلِ، مَحْفُوظُ الْعَمَلِ، تَؤْلِمُهُ الْبَقَّةُ، وَتَقْتُلُهُ الشَّرْقَةُ[50]،
وَتُنْتِنُهُ[51]
الْعَرْقَةُ[52].
410. وروي أنه(عليه السلام) كان
جالساً في أصحابه، فمرّت بهم امرأة جميلة، فرمقها القوم بأبصارهم.
فقال(عليه
السلام): إِنَّ أَبْصَار هذِهِ الْفُحُولِ طَوَامِحُ[53]،
وَإِنَّ ذلِكَ سَبَبُ هَبَابِهَا[54]،
فإِذَا نَظَرَ أَحَدُكُمْ إِلَى امْرَأَة تُعْجِبُهُ فَلْيُلاَمِسْ أَهْلَهُ،
فَإِنَّمَا هِيَ امْرَأَهٌ كَامْرَأَة.
فقال رجل
من الخوارج: قاتله الله كافراً ما أفقهه.
فوثب القوم
لِيقتلوه.
فقال(عليه
السلام): رُوَيْداً[55]،
إِنَّمَا هُوَ سَبٌّ بِسَبٍّ، أَوْ عَفْوٌ عَنْ ذَنْب!
411. وقال(عليه السلام): كَفَاكَ
مِنْ عَقْلِكَ مَا أَوْضَحَ لَكَ سَبِيلَ غَيِّكَ مِنْ رُشْدِكَ.
412. وقال(عليه السلام): افْعَلُوا
الْخَيْرَ وَلاَ تَحْقِرُوا مِنْهُ شَيْئاً، فَإِنَّ صَغِيرَهُ كَبِيرٌ
وَقَلِيلَهُ كَثِيرٌ، وَلا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: إِنَّ أَحَداً أَوْلَى بِفِعْلِ
الْخَيْرِ مِنِّي فَيَكُونَ وَاللهِ كَذلِكَ، إِنَّ لِلْخَيْرِ وَالشَّرِّ
أَهْلاً، فَمَهْمَا تَرَكْتُمُوهُ مِنْهُمَا كَفَاكُمُوهُ أَهْلُهُ[56].
413. وقال(عليه السلام): مَنْ أَصْلَحَ
سَرِيرَتَهُ أَصْلَحَ اللهُ عَلاَنِيَتَهُ، وَمَنْ عَمِلَ لِدِينِهِ كَفَاهُ اللهُ
أَمْرَ دُنْيَاهُ، وَمَنْ أَحْسَنَ فِيَما بَيْنَهُ وبَيْنَ اللهِ كَفَاهُ اللهُ
مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ.
414. وقال(عليه السلام): الْحِلْمُ
غِطَاءٌ سَاتِرٌ، وَالْعَقْلُ حُسَامٌ قَاطِعٌ، فَاسْتُرْ خَلَلَ خُلُقِكَ
بِحِلْمِكَ، وَقَاتِلْ هَوَاكَ بِعَقْلِكَ.
415. وقال(عليه السلام): إِنَّ
لِلَّهِ عِبَاداً يَخْتَصُّهُمْ بِالنِّعَمِ لِمَنَافِعِ الْعِبَادِ، فَيُقِرُّهَا[57] فِي
أَيْدِيهِمْ مَا بَذَلُوهَا، فَإِذَا مَنَعُوهَا نَزَعَهَا مِنْهُمْ، ثُمَّ
حَوَّلَهَا إِلَى غَيْرِهِمْ.
416. وقال(عليه السلام): لاَ
يَنْبَغِي لِلْعَبْدِ أَنْ يَثِقَ بِخَصْلَتَيْنِ: الْعَافِيَةِ، وَالْغِنَى:
بَيْنَا تَرَاهُ مُعَافىً إِذْ سَقِمَ، وَغَنِيّاً إِذِ افْتَقَرَ.
417. وقال(عليه السلام): مَنْ
شَكَا الْحَاجَةَ إِلَى مُؤْمِن فَكَأَنَّمَا شَكَاهَا إِلَى اللهِ، وَمَنْ
شَكَاهَا إلَى كَافِر فَكَأَنَّمَا شَكَااللهَ.
418. وقال(عليه السلام) في بعض
الاَعيَاد: إِنَّمَا هُوَ عِيدٌ لِمَنْ قَبلَ اللهُ صِيَامَهُ وَشَكَرَ قِيَامَهُ،
وَكُلُّ يَوْم لاَ يُعْصَى اللهُ فِيهِ فَهُوَ يَوْمَ عِيد.
419. وقال(عليه السلام): إِنَّ
أَعْظَمَ الْحَسَرَاتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَسْرَةُ رَجُل كَسَبَ مَالاً فِي
غَيْرِ طَاعَةِ اللهِ، فَوَرَّثَهُ رَجُلاً فَأنْفَقَهُ فِي طَاعَةِ اللهِ
سُبْحَانَهُ، فَدَخَلَ بِهِ الْجَنَّةَ، وَدَخَلَ الاَْوَّلُ بِهِ النَّارَ.
420. وقال(عليه السلام): إِنَّ
أَخْسَرَ النَّاسِ صَفْقَةً[58]،
وَأَخْيَبَهُمْ سَعْياً، رَجُلٌ أَخْلَقَ بَدَنَهُ[59]
فِي طَلَبِ آمَالِهِ، وَلَمْ تُسَاعِدْهُ الْمَقَادِيرُ عَلَى إِرَادَتِهِ،
فَخَرَجَ مِنَ الدُّنْيَا
بِحَسْرَتِهِ،
وَقَدِمَ عَلَى الاْخِرَةِ بِتَبِعَتِهِ[60].