[26]

ومن خطبة له (عليه السلام)
[وفيها يصف العرب قبل البعثة ثم يصف حاله قبل البيعة له]
[العرب قبل البعثه]
إِنَّ اللهَ سُبحانَه بَعَثَ مُحَمَّداً نَذِيراً لِلْعَالَمِينَ، وَأَمِيناً عَلَى التَّنْزِيلِ، وَأَنْتُمْ مَعْشَرَ العَرَبِ عَلَى شَرِّ دِين، وَفِي شَرِّ دَار، مُنِيخُونَ[1] بَيْنَ حِجارَة خُشْن[2]، وَحَيَّات صُمٍّ[3]، تشْرَبُونَ الكَدِرَ، وَتَأْكُلُونَ الجَشِبَ[4]، وَتَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ، وَتَقْطَعُونَ أَرْحَامَكُمْ، الاَْصْنَامُ فِيكُمْ مَنْصُوبَةٌ، وَالاْثَامُ بِكُمْ مَعْصُوبَةٌ[5].
منها:
فَنَظَرْتُ فَإِذَا لَيْسَ لِي مُعِينٌ إِلاَّ أَهْلُ بَيْتِي، فَضَنِنْتُ بِهمْ عَنِ المَوْتِ، وَأَغْضَيْتُ[6] عَلَى القَذَى، وَشَرِبْتُ عَلَى الشَّجَا[7]، وَصَبَرْتُ عَلَى أَخْذِ الكَظَمِ[8]،وَعَلىْ أَمَرَّ مِنْ طَعْمِ العَلْقَمِ.
ومنها:
وَلَمْ يُبَايعْ حَتَّى شَرَطَ أَنْ يُؤْتِيَهِ عَلَى البَيْعَةِ ثَمَناً، فَلاَ ظَفِرَتْ يَدُ المبايِعِ، وخَزِيَتْ[9] أَمَانَةُ المُبْتَاعِ[10]، فَخُذُوا لِلْحَرْبِ أُهْبَتَهَا[11]، وَأعِدُّوا لَهَا عُدَّتَهَا، فَقَدْ شَبَّ لَظَاهَا[12]، وَعَلاَ سَنَاهَا[13]، وَاسْتَشْعِرُوا الصَّبْرَ[14]، فَإِنَّهُ أحْزَمُ لِلنَّصْرِ.
 


[1] مُنِيخُون: مُقيمون.
[2] الخُشْن: جمع خَشْنَاء من الخشونة.
[3] وصف الحيّات «بالصّمّ» لانها أخبثها إذ لا تنزجر بالاصوات كأنها لا تسمع.
[4] الجَشِب: الطعام الغليظ أوما يكون منه بغير أدم.
[5] معصوبة:مشدودة.
[6] أغْضَيْت: أصلها من غض الطّرف، والمراد سكتّ على مضض.
[7] الشّجَا: ما يعترض في الحلق من عظم ونحوه.
[8] الكظَم ـ بالتحريك أوبضم فسكون ـ: مخرج النفس، والمراد أنّه صبر على الاختناق.
[9] خَزِيَتْ: ذلتْ وهانت.
[10] المبتاع: المشتري.
[11] أُهْبَتُها: عُدّتها.
[12] شبّ لظاها: استعارة، وأصله صعود طرف النار الاعلى.
[13] سَناها: ضوؤها.
[14] استشعار الصبر: اتخاذه شعاراً كما يلازم الشعار الجسد.