[ 48 ]

ومن خطبة له (عليه السلام)
عند المسير إلى الشام
[قيل: إنه خطب بها وهو بالنخيلة خارجاً من الكوفة إلى صفين]
الْحَمْدُ للهِ كُلَّمَا وَقَبَ[1] لَيْلٌ وَغَسَقَ[2]، وَالْحَمْدُ للهِ كُلَّمَا لاَحَ نَجْمٌ وَخَفَقَ[3]، والْحَمْدُ للهِ غَيْرَ مَفْقُودِ الاِْنْعَام، وَلاَ مُكَافَاَ الاِْفْضَالِ.
أَمّا بَعْدُ، فَقَدْ بَعَثْتُ مُقَدِّمَتِي[4]، وَأَمَرْتُهُمْ بِلُزُومِ هذَا المِلْطَاطِ[5]، حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرِي، وَقَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَقْطَعَ هذِهِ الْنُّطْفَةَ إِلَى شِرْذِمَة[6] مِنْكُمْ، مُوَطِّنِينَ أَكْنَافَ[7] دَجْلَةَ، فَأُنْهِضَهُمْ مَعَكُمْ إِلَى عَدُوِّكُمْ، وَأَجْعَلَهُمْ مِنْ أَمْدَادِ[8] الْقُوَّةِ لَكُمْ.
يعني (عليه السلام) بالملطاط ها هنا: السّمْتَ الذي أمرهم بلزومه، وهو شاطىء الفرات، ويقال ذلك أيضاً لشاطىء البحر، وأصله ما استوى من الارض.
ويعني بالنطفة: ماء الفرات، وهو من غريب العبارات وعجيبها.


[1] وَقَبَ: دخلَ.
[2] غَسَقَ: اشتدت ظلمته.
[3] خَفَقَ النجم: غاب.
[4] المُقَدِّمة ـ بكسر الدال ـ: صدر الجيش، ومقدّمة الانسان ـ بفتح الدال ـ: صدره.
[5] المِلْطاط: حافة الوادي وشفيرُهُ وساحل البحر.
[6] الشرذمة: النفر القليلون.
[7] الاكناف: الجوانب، و«موطّنين الاكْنَافَ» أي: جعلوها وطَناً.
[8] الامْداد: جمع مَدَد، وهو ما يُمَدّ به الجيش لتقويته.