[166 ]
ومن خطبة له (عليه السلام)
[الحثّ على التآلف]
لِيَتَأَسَّ
[1]
صَغِيرُكُمْ بِكَبِيرِكُمْ، وَلْيَرأَفْ كَبِيرُكُمْ بِصَغيرِكُمْ، وَلاَ
تَكُونُوا كَجُفَاةِ الْجَاهِلِيَّةِ: لاَ في الدِّينِ يَتَفَقَّهُونَ، وَلاَ عَنِ
اللهِ يَعْقِلُونَ، كَقَيْضِ
[2]
بَيْض في أَدَاح
[3]
يَكُونُ كَسْرُهَا وِزْراً، وَيُخْرِجُ حِضَانُهَا شَرّاً.
منها: [في بني أمية]
افْتَرَقُوا بَعْدَ أُلْفَتِهِمْ،
وَتَشَتَّتُوا عَنْ أَصْلِهِمْ، فَمِنْهُمْ آخِذٌ بِغُصْن أَيْنَما مَالَ مَالَ
مَعَهُ، عَلَى أَنَّ اللهَ تَعَالَى سَيَجْمَعُهُمْ لِشَرِّ يَوْم لِبَنِي
أُمَيَّةَ، كَمَا تَجْتَمِعُ قَزَعُ الْخَرِيفِ
[4]
يُؤَلِّفُ اللهُ بَيْنَهُمْ، ثُمَّ يَجْعَلُهُمْ رُكَاماً كَرُكَامِ السَّحَابِ،
ثُمَّ يَفْتَحُ لَهُمْ أَبْوَاباً، يَسِيلُونَ مِنْ مُسْتَثَارِهِمْ كَسَيْلِ
الْجَنَّتَيْنِ، حَيْثُ لَمْ تَسْلَمْ عَلَيْهِ قَارَةٌ
[5]،
وَلَمْ تَثْبُتْ عَلَيْهِ أَكَمَةٌ، وَلَمْ يَرُدَّ سَنَنَهُ رَصُّ طَوْد، وَلاَ
حِدَابُ
[6]
أَرْض، يُذعْذِعُهُمُ اللهُ فِي بُطُونِ أَوْدِيَتِهِ
[7]،
ثُمَّ يَسْلُكُهُمْ يَنَابِيعَ فِي الاَْرْضِ، يَأَخُذُ بِهِمْ مِنْ قَوْم حُقُوقَ
قَوْم، وَيُمَكِّنُ لِقَوْم فِي دِيَارِ قَوْم. وَايْمُ اللهِ، لَيَذُوبَنَّ مَا
فِي أَيْدِيهمْ بَعْدَ الْعُلُوِّ وَالتَّـمْكِينِ، كَمَا تَذُوبُ الاَْلْيَةُ
عَلَى النَّارِ.
[الناس آخر الزمان]
أَيُّهَا النَّاسُ، لَوْ لَمْ
تَتَخَاذَلُوا عَنْ نَصْرِ الْحَقِّ، وَلَمْ تَهِنُوا عَنْ تَوْهِينِ الْبَاطِلِ،
لَمْ يَطْمَعْ فِيكُمْ مَنْ لَيْسَ مِثْلَكُمْ، وَلَمْ يَقْوَ مَنْ قَوِيَ
عَلَيْكُمْ، لكِنَّكُمْ تِهْتُمْ مَتَاهَ بَنِي إسْرَائِيلَ. وَلَعَمْرِي،
لَيُضَعَّفَنَّ لَكُمُ التِّيهُ مِنْ بَعْدِي أَضْعَافاً
[8]،
[بِمَا] خَلَّفْتُمُ الْحَقَّ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ، وَقَطَعْتُمُ الاَْدْنى،
وَوَصَلْتُمُ الاَْبْعَدَ.
وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِنِ
اتَّبَعْتُمُ الدَّاعِيَ لَكُمْ، سَلَكَ بِكُمْ مِنْهَاجَ الرَّسُولِ، وَكُفِيتُمْ
مَؤُونَةَ الاعْتِسَافِ، وَنَبَذْتُمُ الثِّقْلَ الْفَادِحَ
[9]
عَنِ الاَْعْنَاقِ.
[1] لِيَتَأسّ: لِيَقْتَدِ.
[2] القَيْض: القشرة العليا
اليابسة على البيضة.
[3] الاداحِي: جمع أُدْحي ـ
كلُجّيّ ـ وهو مبيض النعام في الرمل تدحوه برجلها لتبيض فيه.
[4] القَزَع ـ محركاً ـ: القطع
المتفرقة من السحاب، واحدته قزعة بالتحريك.
[5] الرُكام: السحاب المتراكم.
والمستثار: موضع انبعاثهم ثائرين. وسيل الجنتين هو الذي سماه الله سَيْل العَرِم
الذي عاقب الله به سبأ على ما بطروا نعمته فدمّرَ جِنانهم وحوّل نعيمهم شقاء.
والقارَة ـ كالقَرَارَةـ: ما اطمأن من الارض.
[6] الاَكَمَة ـ محركة ـ: غليط
من الارض يرتفع عما حوالَيْه. والسّنن: يريد به الجَرْي. والطَوْد: الجبل العظيم،
والمقصود الجمع. والرصّ: يراد به الارتصاص أي الانضمام والتلاصق، أي لم يمنع جريته
تلاصق الجبال. والحِداب ـ جمع حَدَب بالتحريك ـ: ما غلظ من الارض في ارتفاع.
[7] يُذَعْذِعهم ـ بالذال
المعجمة مرتين ـ: يفرقهم. وبطون الاودية كناية عن مسالك الاختفاء.
[8] ليضعّفَنّ لكم التيهُ:
لتزادَنّ لكم الحيرةُ أضعاف ماهي لكم الان.
[9] الفادِحُ: من فدحه
الدَّيْنُ إذا أثقله.