[181 ]

ومن كلام له (عليه السلام)
وقد أَرسل رجلاً من أصحابه، يَعْلَمُ له عِلمَ [أحوال] قوم من جند الكوفة، همّوا باللحاق بالخوارج، وكانوا على خوف منه(عليه السلام)، فلمّا عاد إليه الرجل قال له:
أأمِنُوا فَقَطَنُوا[1]، أم جبنوا فَظَعَنُوا؟[2]
فقال الرجل: بل ظَعَنُوا يا أَميرالمؤمنين.
فقال(عليه السلام): بُعْداً لَهُمْ (كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ)! أَمَا لَوْ أُشْرِعَتِ[3] الاْسِنَّةُ إِلَيْهِمْ وَصُبَّتِ السُّيُوفُ عَلَى هَامَاتِهمْ[4]، لَقَدْ نَدِمُوا عَلَى مَا كَانَ مِنْهُمْ، إنَّ الشَّيْطَانَ الْيَوْمَ قَدِ اسْتَقَلَّهُمْ، وَهُوَ غَداً مُتَبَرِّىءٌ مِنْهُمْ، وَمُخلٍّ عَنْهُمْ، فَحَسْبُهُمْ بِخُرُوجِهمْ[5] مِنَ الْهُدَى، وَارْتِكَاسِهِمْ[6] فِي الضَّلاَل وَالْعَمَى، وَصَدِّهِمْ[7] عَنِ الْحَقّ، وَجِمَاحِهمْ[8] فِي التِيهِ[9].


[1] قَطَنوا: أقاموا.
[2] ظَعَنوا: رحلوا.
[3] أُشرعت: سُدّدت وصُوّبت نحوهم.
[4] الهامات: الرؤوس.
[5] حَسْبُهُم بخروجهم: كافيهم من الشرّ خروجهم، والباء زائدة.
[6] الارتكاس: الانقلاب والانتكاس.
[7] صدّهم: إعراضهم.
[8] الجِماح: الجموح وهو أن يغلب الفرس راكبه، والمراد تعاصيهم وغلوّ هم وإفراطهم.
[9] التيه: الضلال.