[197 ]

ومن خطبة له (عليه السلام)
[ينبّه فيها على فضيلته لقبول قوله وأمره ونهيه]
وَلَقَدْ عَلِمَ الْمُسْتَحْفَظُونَ[1] مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّد(صلى الله عليه وآله) أَنِّي لَمْ أَرُدَّ عَلَى الله وَلاَ عَلَى رَسُولِهِ سَاعَةً قَطُّ، وَلَقَدْ وَاسَيْتُهُ[2] بِنَفْسِي فِي الْمَوَاطِنِ الَّتي تَنْكُصُ[3] فِيهَا الاَْبْطَالُ وَتَتَأَخَّرُ الاَْقْدَامُ، نَجْدَةً[4] أَكْرَمَنِي اللهُ بِهَا.
وَلَقَدْ قُبِضَ رَسُولُ اللهِ(صلى الله عليه وآله) وَإِنَّ رَأْسَهُ لَعَلَى صَدْرِي.
وَلَقَدْ سَالَتْ نَفْسُهُ فِي كَفِّي، فَأَمْرَرْتُهَا عَلَىُ وَجْهِي.
وَلَقَدْ وُلِّيتُ غُسْلَهُ(صلى الله عليه وآله)وَالْمَلاَئِكُةُ أَعْوَانِي، فَضَجَّتِ الدَّارُ والاَْفْنِيَةُ[5]، مَلاٌَ يُهْبِطُ، وَمَلاٌَ يَعْرُجُ، وَمَا فَارَقَتْ سَمْعِي هَيْنَمَةٌ[6] مِنْهُمْ، يُصَلُّونَ عَلَيْهِ حَتَّى وَارَيْنَاهُ فِي ضَرِيحِهِ.
فَمَنْ ذَا أَحَقُّ بِهِ مِنِّي حَيّاً وَمَيِّتاً؟ فَانْفُذُوا عَلَى بَصَائِرِكُمْ[7]، وَلْتَصْدُقْ نِيَّاتُكُمْ فِي جِهَادِ عَدُوِّكُمْ، فَوَالَّذِي لاََإِلهَ إِلاَّ هُوَ إِنِّي لَعَلَى جَادَّةِ الْحَقِّ، وَإِنَّهُمْ لَعَلَى مَزَلَّةِ[8] الْبَاطِلِ.
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ!


[1] المُسْتَخْفَظون ـ بفتح الفاء ـ: اسم مفعول، أي: الذين أودعهم النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) أمانة سره وطالبهم بحفظها.
[2] المواساة بالشيء: الاشراك فيه، فقد أشرك النبي في نفسه.
[3] تَنْكُص: تتراجع.
[4] النَجْدة ـ بالفتح ـ: الشجاعة.
[5] الافْنِيَة ـ جمع فِناء بكسر الفاء ـ: ما اتسع أمام الدار.
[6] الهَيْنَمة: الصوت الخفي.
[7] البصيرة: ضياء العقل.
[8] المَزَلّة: مكان الزَلَل الموجب للسقوط في الهَلَكة.