[ 71 ]
ومن كتاب له (عليه السلام)
إلى المنذر بن الجارود العَبْدي
وقد خان في بعض ما ولاّه من أعماله
أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ صَلاَحَ أَبِيكَ غَرَّنِي مِنْكَ، وَظَنَنْتُ أَنَّكَ
تَتَّبِعُ هَدْيَهُ
[1]، وَتَسْلُكُ سَبِيلَهُ، فَإِذَا أَنْتَ فِيَما
رُقِّيَ إِلَيَّ
[2]
عَنْكَ لاَتَدَعُ لِهَوَاكَ انْقِيَاداً، وَلاَ تُبْقِي لاِخِرَتِكَ عَتَاداً
[3]، تَعْمُرُ دُنْيَاكَ بَخَرَابِ
آخِرَتِكَ، وَتَصِلُ عَشِيرَتَكَ بِقَطِيعَةِ دِينِكَ.
وَلَئِنْ كَانَ مَا بَلَغَنِي عَنْكَ حَقّاً، لَجَمَلُ أَهْلِكَ وَشِسْعُ
[4]
نَعْلِكَ خَيْرٌ مِنْكَ، وَمَنْ كَانَ بِصِفَتِكَ فَلَيْسَ بِأَهْل أَنْ يُسَدَّ
بِهِ ثَغْرٌ، أَوْ يُنْفَذَ بِهِ أَمْرٌ، أَوْ يُعْلَى لَهُ قَدْرٌ، أَوْ يُشْرَكَ
فِي أَمَانَة، أَوْ يُؤْمَنَ عَلَى خِيَانَة
[5].
فَأقْبِلْ إِلَيَّ حِينَ يَصِلُ إِلَيْكَ كِتَابِي هذَا إِنْ شَاءَ اللهُ.
وَالمنذر هذا هو الذي قال فيه أميرالمؤمنين(عليه السلام): إنه لنظّارٌ في
عِطْفَيْهِ
[6]، مُختالٌ في بُرْدَيْه
[7]،
تَفّالٌ في شِرَاكَيْهِ
[8].
[1] الهَدْي ـ بفتح فسكون ـ:
الطريقة والسيرة.
[2] رُقيَ إليّ: رُفع وأُنهي
إليّ.
[3] العَتاد ـ بالفتح ـ:
الذَخِيرة المُعَدة لوقت الحاجة.
[4] الشِسْع ـ بالكسر ـ: سِيرٌ
بين الاصبع الوسطى والتي تليها في النعل العربي، كأنه زمام ويسمى قِبالاً ككتاب.
[5] أي: على دفع خيانة.
[6] نَظّار: كثير النظر.والعِطْف
ـ بالكسر ـ: الجانب، أي كثير النظر في جانبيه عُجْباً وخُيلاء.
[7] البُرْدَانِ: تثنية بُرْد
بضم الباء، وهو ثوب مخطّط، والمُختال: المُعجَب.
[8] الشِرَاكانِ: تثنية شِراك
ككتاب، وهو سِير النعْل كله، وتَفّال: كثير التَفَل، والتّفَلُ ـ بالتحريك ـ:
البُصاق، وإنما يفعله المعجب بشراكيه ليذهب عنهما الغبارالوسخ، يتفل فيهما ثم
يمسحهما ليعودا كالجديدين.