[ 73 ]

ومن كتاب له (عليه السلام)
إلى معاوية
أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي عَلَى التَّرَدُّدِ فِي جَوَابِكَ، وَالاسْتَِماعِ إِلَى كِتَابِكَ، لَمُوَهِّنٌ[1] رَأْيِي، وَمُخَطِّىءٌ فِرَاسَتي[2].
وَإِنَّكَ إِذْ تُحَاوِلُنِي الاُْمُورَ[3] وَتُرَاجِعُنِي السُّطُورَ[4]، كَالْمُسْتَثْقِلِ النَّائِمِ
تَكْذِبُهُ أَحَلاَمُهُ[5]، وَالْمُتَحَيِّرِ الْقَائِمِ يَبْهَظُهُ[6] مَقَامُهُ، لاَ يَدْرِي أَلَهُ مَا يَأَتِي أَمْ عَلَيْهِ، وَلَسْتَ بِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ بِكَ شَبِيهٌ.
وَأُقْسِمُ بِاللهِ لَوْ لاَ بَعْضُ الاِْسْتِبْقَاءِ[7] لَوَصَلَتْ إِلَيْكَ مِنِّي قَوَارِعُ[8]، تَقْرَعُ الْعَظْم[9]، وَتَهْلِسُ اللَّحْمَ[10]!
وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ ثَبَّطَكَ[11] عَنْ أَنْ تُرَاجِعَ أَحْسَنَ أُمُورِكَ، وَتَأْذَنَ[12] لِمَقَالِ نَصِيحَتِكَ، وَالسَّلاَمُ [لاَِهْلِهِ].
ص


[1] مُوَهِّن: مضعف.
[2] فِراستي ـ بالكسر ـ أي: صدق ظني.
[3] حَاوَل الامر: طلبه ورَامَهُ، أي تطالبني ببعض غاياتك كولاية الشام ونحوها.
[4] تراجعني السطور أي: تطلب مني أن أرجع إلى جوابك بالسطور.
[5] كالمُسْتَثْقِل النائم: يقول أنت في محاولتك كالنائم الثقيل نومه: يحلم أنه نال شيئاً، فإذا انتبه وجد الرؤيا كذبت، أي عليه، فأمانيك فيما تطلب شبيهة بالاحلام، إنْ هي إلاّ خيالات باطلة.
 
[6] يُبْهِظه: أي يُثْقِله ويشقّ عليه مقامه.
[7] الاستبقاء: الابقاء، والمراد إبقائي لك وعدم إرادتي لاهلا كك.
[8] القَوَارِع أي: الدواهي.
[9] تَقْرَع العظم أي: تصْدِمه فتكسره.
[10] تَهْلِسُ اللحمَ أي: تذيبه وتنهكه.
[11] ثَبّطَكَ أي: أقعدك.
[12] تَأذَن ـ بفتح الذال ـ أي: تسمع.