ومن خطبة له (عليه السلام)
[في صفات الله جل جلاله، وصفات أئمة الدين]
الْحَمْدُ للهِِ الدَّالِّ عَلَى وُجُودِهِ بِخَلْقِهِ، وَبِمُحْدَثِ خَلْقِهِ عَلَى أَزَلِيَّته، وَبِاشْتِبَاهِهِمْ عَلَى أَنْ لاَ شَبَهَ لَهُ.
لاَ تَسْتَلِمُهُ الْمَشَاعِرُ، وَلاَ تَحْجُبُهُ السَّوَاتِرُ، لاِفْتِرَاِق الصَّانِعِ وَالْمَصْنُوعِ، وَالْحَادِّ وَالْـمَحْدُودِ، وَالرَّبِّ وَالْمَرْبُوبِ.
الاَْحَدُ لاَ بِتَأْوِيلِ عَدَد، وَالْخَالِقُ لاَ بِمَعْنَى حَرَكَة وَنَصَب ، وَالسَّمِيعُ لاَ بِأَدَاة ، وَالْبَصِيرُ لاَ بِتَفْرِيقِ آلَة ، وَالشَّاهِدُ لاَبِمُمَاسَّه، وَالْبَائِنُ
لاَبِتَرَاخِي مَسَافَة، وَالظّاهِرُ لاَبِرُؤيَة، وَالْبَاطِنُ لاَ بِلَطَافَة.
بَانَ مِنَ الاَْشْيَاءِ بَالْقَهْرِ لَهَا، وَالْقُدْرَةِ عَلَيْهَا، وَبَانَتِ الاَْشْيَاءُ مِنْهُ بَالْخُضُوعِ لَهُ، وَالرُّجُوعِ إِلَيْهِ.
مَنْ وَصَفَهُ فَقَدْ حَدَّهُ، وَمَنْ حَدَّهُ فَقَدْ عَدَّهُ، وَمَنْ عَدَّهُ فَقَدْ أَبْطَلَ أَزَلَهُ، وَمَنْ قَالَ: كَيْفَ، فَقَدِ اسْتَوْصَفَهُ، وَمَنْ قَالَ: أَيْنَ، فَقَدْ حَيَّزَهُ. عَالِمٌ إِذْ لاَ مَعْلُومٌ، وَرَبٌّ إِذْ لاَ مَرْبُوبٌ، وَقَادِرٌ إِذْ لاَ مَقْدُورٌ.
منها: [في أئمّة الدين]
فَقَدْ طَلَعَ طَالِعٌ، وَلَمَعَ لاَ مِعٌ، وَلاَحَ لاَئِحٌ، وَاعْتَدَلَ مَائِلٌ، وَاسْتَبْدَلَ اللهُ بِقَوْم قَوْماً، وَبِيَوم يَوْماً، وَانْتَظَرْنَا الْغِيَرَ انْتِظَارَ الْـمُجْدِبِ الْمَطَرَ.
وَإِنَّمَا الاَئِمَّةُ قُوَّامُ اللهِ عَلَى خَلْقِهِ، وَعُرَفَاؤُهُ عَلَى عِبَادِهِ، لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَنْ عَرَفَهُمْ وَعَرَفُوهُ، وَلاَ يَدْخُلُ النَّارَ إِلاَّ منْ أَنْكَرَهُمْ وَأَنْكَرُوهُ.
إِنَّ اللهَ خَصَّكُمْ بَالاِْسْلاَمِ، وَاسْتَخْلَصَكُمْ لَهُ، وَذلِكَ لاَِنَّهُ اسْمُ سَلاَمَة،
وَجِمَاعُ كَرَامَة، اصْطَفَى اللهُ تَعَالَى مَنْهَجَهُ، وَبَيَّنَ حُجَجَهُ، مِنْ ظَاهِرِ عِلْم، وَبَاطِنِ حِكَم، لاَ تَفْنَى غَرَائِبُهُ، وَلاَ تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ، فِيهِ مَرَابِيعُ النِّعَمِ، وَمَصَابِيحُ الظُّلَمِ، لاَ تُفْتَحُ الْخَيْرَاتُ إِلاَّ بِمَفَاتِحِهِ، وَلاَ تُكْشَفُ الظُّلُمَاتُ إِلاَّ بِمَصَابِحِهِ، قَدْ أَحْمَى حِمَاهُ ، وَأَرْعَى مَرْعَاهُ، فِيهِ شِفَاءُ الْمُسْتَشْفِي، وَكِفَايَةُ الْمُكْتَفِي.